الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حقّ لأحد من الورثة في أن يستبدّ بشيء من التركة قبل القسمة، أو يمنع غيره من الورثة من استيفاء نصيبه الشرعي من التركة.
وعليه؛ فلا حقّ لأختك في سكنى الشقة الموروثة قبل القسمة، دون رضا جميع الورثة.
وإذا كنت طالبت أختيك بقسمة الشقة، أو بيعها إذا كانت لا تقبل القسمة، وتقسيم ثمنها على الورثة، فهذا حقّك، ولا يجوز لهما الامتناع من ذلك.
فإما أن تكون الشقة تصلح للتقسيم على الورثة من غير ضرر، ولا رد عوض، فيجبرون على التقسيم، أو يكون التقسيم غير ممكن، فيجبرون على البيع، قال ابن قدامة -رحمه الله-: وإذا كان بينهما دار، أو خان كبير، فطلب أحدهما قسمة ذلك، ولا ضرر في قسمته، أجبر الممتنع على القسمة.
وقال ابن تيمية -رحمه الله-: كَلُّ مَا لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ، وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ذَلِكَ؛ وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ، وَحَكَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ ذَلِكَ إجْمَاعًا.
والإجبار على التقسيم أو البيع، يكون عن طريق القاضي الشرعي، لكن الذي ننصحك به ألا تتعجل في رفع الأمر إلى المحكمة، ولكن تسعى لتوسيط بعض العقلاء من الأقارب، أو غيرهم من الصالحين؛ حتى تصطلح مع أختيك على القسمة، وإعطاء كل ذي حق حقه.
وعلى أية حال؛ فالواجب عليك صلة أختيك، ولا يجوز لك قطعهما، سواء اصطلحتما على القسمة، أم بقي بينكما نزاع، فصلة الرحم واجبة، وقطعها حرام، وحتى لو قطعتاك، أو أساءتا إليك، فلا ينبغي أن تقابلهما بمثل فعلهما، فعَنْ عبد الله بن عمرو، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري. وفي مسند أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي ذَوِي أَرْحَامٍ، أَصِلُ وَيَقْطَعُونَ، وَأَعْفُو وَيَظْلِمُونَ، وَأُحْسِنُ وَيُسِيئُونَ، أَفَأُكَافِئُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، إِذًا تُتْرَكُونَ جَمِيعًا، وَلَكِنْ خُذْ بِالْفَضْلِ وَصِلْهُمْ، فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ مَا كُنْتَ عَلَى ذَلِكَ». وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ.
تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.
والله أعلم.