الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن هذا النوع من العرض، يعتبر من الترف، وتضييع الوقت فيما ليس وراءه كبير فائدة، بل قد يكون ضرره أكثر من نفعه.
والمسلم وقته أغلى من أن يضيعه في عرض مثل هذا، أو مشاهدته، روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ.
وهذا الفعل فيه استفزاز لمشاعر بعض المحرومين، وكسر لقلوب الفقراء ممن يمكن أن يشاهدوه، وهم -أي: الفقراء- لهم الخيار في أن يشاهدوا عرضها، أو يتركوا، فكيف يقال: إنها تأثم إن وقع على نفوسهم شيء من الألم بسبب فعلها؟ هذا أولًا.
ثانيًا: إن تغطية الكفين واجبة، كما هو الحال في تغطية الوجه، على الراجح من أقوال الفقهاء، وقد أوضحنا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 4470.
وإذا انضم إلى ذلك إظهار ما عليهما من زينة، بحيث يراها الأجانب، فالأمر أشد، والمنع آكد، وربما كان لها نصيب من الوعيد الوارد في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا.
وإن كان زوجها يعلم بما تفعل، ويقرها عليه، فنخشى أن يكون في هذا نوع من الدياثة، ولمعرفة معناها تراجع الفتوى رقم: 56653.
ثالثًا: مجرد ضحك المرأة بحيث يسمعها الأجانب، لا يعتبر من الخضوع في القول، إلا أن يكون فيه تليين، ونحو ذلك، ولكن لا شك في أنه على كل حال يتنافى مع الحشمة، والأدب، الذي ينبغي أن تكون عليهما المؤمنة.
رابعًا: لا يمكننا الجزم بأنها بما تأتي من هذه التصرفات مفتونة بمالها؛ لأن أمر النيات إلى الله عز وجل، ونحن لم نؤمر بالتنقيب عما في قلوب الناس.
ولا ندري ما تعني على وجه التحديد بسؤالك عما إن كانت فتنة واختبارًا لك من الله، ولكن إن كانت مشاهدتها تؤذيك نفسيًّا، فأنت في غنى عن أن تعذبي نفسك برؤية مثل هذا.
خامسًا: إن التحدث بنعمة الله مقصود بها الثناء على الرب تبارك وتعالى المنعِم، وإظهارها شكرًا لله على النعمة، وهذا الفعل على الوجه المذكور، يخشى أن يكون فيه نوع من البطر، أو ربما أدى إليه، ولتنظر الفتوى رقم: 118908، عن أحوال وحكم التحدث بالنعم.
والله أعلم.