الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإذا كانت والدتكم لا تزال مدركة أي عاقلة، فإنه ليس لكم أن تُخرجوا زكاة مالها بدون إذنها، ولو تيقنتم أنها لم تخرج الزكاة، وذلك أن الزكاة كسائر العبادات تفتقر إلى النية، ولا تصح بدون نية، قال ابن قدامة في المغني: وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ إلَّا بِنِيَّةٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْإِمَامُ مِنْهُ قَهْرًا. مَذْهَبُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ، لِأَنَّهَا دَيْنٌ فَلَا تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ، كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَلِهَذَا يُخْرِجُهَا وَلِيُّ الْيَتِيمِ، وَيَأْخُذُهَا السُّلْطَانُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ، وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} وَأَدَاؤُهَا عَمَلٌ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَنَوَّعُ إلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ، فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ، وَتُفَارِقُ قَضَاءَ الدَّيْنِ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ، وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ مُسْتَحِقِّهِ، وَوَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالسُّلْطَانُ يَنُوبَانِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَإِنَّ النِّيَّةَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهَا زَكَاتُهُ، أَوْ زَكَاةُ مَنْ يُخْرِجُ عَنْهُ. كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ ; لِأَنَّ مَحَلَّ الِاعْتِقَادَاتِ كُلِّهَا الْقَلْبُ . اهـــ.
وفي هذه الحال يبنغي لكم سؤالها والـتأكد منها هل أخرجت الزكاة عن السنوات الماضية أم لا؟ فإن لم تُخْرِجْهَا فانصحوها بالمبادرة إلى إخراجها، والتوبة إلى الله تعالى من المماطلة فيها.
وأما إن كانت والدتكم قد زال عقلها، فإن وليها يقوم بإخراج الزكاة عنها؛ لأن النية متعذرةٌ منها، فتقوم نية وليها مقامها، وانظري الفتوى رقم: 264526.
وأخيرا ننبه إلى أن الزكاة لا تجب في حلي المرأة المعد للزينة في قول جمهور أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 320941 ، وإن كان معدا للادخار، أو كان متخذا بنية التجارة، فالزكاة فيه واجبة كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 100370.
والله تعالى أعلم.