الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن هذه السيدة صاحبة الإعلان لم تقم بذلك متبرعة، وإنما تسعى من وراء ذلك للكسب، وكذلك الشخص الآخر، فقد طلب العمولة صراحة، ووافق زوج السائلة، كما تدل عليه عبارة: (ولكن لنا عمولة. قال زوجي: أكيد طبعا). وبذلك يظهر أنهما يعملان عمل السماسرة، وبالتالي يستحقون عمولتهم بإتمام عملهم.
والظاهر أن عملهم في الصورة المسئول عنها ليس إتمام العقد والقيام بإجراءاته، وإنما مجرد الدلالة على مكان العمل، وحصول التعاقد مع العامل، كما تدل عليه عبارة: (أرسل له قال: عمولتنا عند التعاقد. وبعد أن مضى زوجي العقد قال الرجل: أريد نصف راتب) وانظري الفتوى رقم: 180639. وإذا كان كذلك فلا يبقى إشكال إلا في عدم الاتفاق على قيمة الجعل أو العمولة، فإن كان العرف جاريا ومطردا في بلدكم في مثل هذا العمل على أن يكون راتب نصف شهر، كان ذلك حقا على زوج السائلة كما طلب السماسرة، وإلا فالعقد فاسد، ويُردُّ إلى جُعْلِ المثل ما دام العمل قد تم.
قال الدميري في الشامل في فقه الإمام مالك: وله إن وقع فاسداً جُعل مثله. اهـ. وقال خليل في مختصره: وفي الفاسد جعل المثل. اهـ. وانظري الفتوى رقم: 150987. وجعل المثل يحكم به أهل الخبرة في هذا المجال.
وعلى ذلك؛ فإن ثبت أن لهذه السيدة والشخص الآخر حقا على زوج السائلة، فلم يؤده، كان ذلك ظلما، والمظلوم دعوته مستجابة؛ كما هو معلوم. فعليكم أن تسألوا أهل الخبرة عن العرف الجاري في هذه العمولة، وهل هو راتب نصف شهر، فإن كان كذلك فابذلوه لهما، وإلا فاسألوهم عن الجُعل الذي يبذل في مثل هذا العمل وأعطوه لهما.
والله أعلم.