الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت متى أطلقت لحيتك تعرضت لأذى شديد لا يمكن تحمله عادة، تخشى منه الافتتان، جاز لك حلقها لأنك في هذه الحال مكره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.
وإذا كنت متى أطلقتها تعرضت لبعض المضايقات أو السخرية أو نحو ذلك مما يمكن تحمله، فلا يجوز لك حلقها، لأن الالتزام بالدين في الغالب قد يترتب عليه حصول أذى ولا سيما في أوقات الفتن، ولذا كثر في القرآن أمر المؤمنين بالصبر، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153]. وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]. وقال عز من قائل:وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [المدثر:7]، وقال جل جلاله: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوت [القلم:48]، وقال سبحانه: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17].
قال شيخ الإسلام رحمه الله: لا بد من أذى لكل من كان في الدنيا، فإن لم يصبر على الأذى في طاعة الله، بل اختار المعصية كان ما يحصل له من الشر أعظم مما فر منه بكثير، قال الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ [التوبة:49]. ومن احتمل الأذى والهوان في طاعة الله على الكرامة والعز في معصية الله، كما فعل يوسف عليه السلام وغيره من الأنبياء والصالحين، كانت له العاقبة في الدنيا والآخرة. انتهى. وراجع للأهمية الفتوى: 3198، والفتوى: 24306، والفتوى: 25794.
والله أعلم.