الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن المعاش إما أن يكون من مستحقات الميت على جهة عمله -عامة كانت أو خاصة- وحينئذ يعتبر المعاش جزءًا من تركة الميت، فيقسم على ورثته كل بحسب نصيبه الشرعي.
وإما أن يكون المعاش تبرعًا من جهة عمل الميت، أو غيرها، فإنه لا يعتبر من تركة الميت، ويصرف على حسب ما تشترطه تلك الجهة، ومن تحدده ليصرف إليه، وراجع في هذا الفتوى: 107986.
وأما النقوط: فإنه إذا جرى العرف بوجوب تعويضها، وعدم سقوطها بوفاة الشخص، فيجب تعويض صاحبها عنها؛ وحينئذ تعد دَينًا على الميت، وانظر في هذا الفتوى: 332743.
وأما الورثة: فإنما يجب عليهم قضاء دَين مورثهم من تركته لا غير.
وأما إذا لم يخلف ما يقضى به دَينه، فلا يجب على ورثة الميت التبرع بقضاء دَين مورثهم، وإنما يستحب لهم ذلك، وانظر في هذا الفتوى: 116789.
وبعد هذا، فإن كان المعاش منحة، وتبرعًا للورثة، ولم يترك والدكم ميراثًا، فلا يجب عليكم التبرع بتعويض صاحب النقوط.
وأما إن كان المعاش من مستحقات والدكم، فإنه يجب عليكم تعويض صاحب النقوط منها، هذا في حال صدقتم دعوى المطالب بالتعويض عن النقوط، فإن الورثة لا يلزم تصديق كل من يدعي دَينا على مورثهم، قال ابن عثيمين: هذا الذي ادعى أن له دَينًا على عمك، لا يلزمك وفاؤه، إلا إذا أقام بينة، وإذا لم يقم بينة، فإنه لا يلزمكم أن توفوه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: البينة على المدعي. إذ يكون هو المفرّط حيث لم يثبت هذا ببينة، وليس عليكم شيء، اللهم إلا إذا علمتم أن هذا الرجل ثقة، لا يمكن أن يدعي ما ليس له، فحينئذٍ يجب على من وثق بقوله أن يؤديه ما ينال نصيبه من الميراث، وأما من لم يثق بقوله، فإنه لا يلزمه أن يؤديه شيئًا. وكونك طلبت منه اليمين فلم يحلف؛ بناء على أنه يعتقد أن الحق له، فإنه يكون هو الذي أسقط حقه؛ لأنه لا يستحق شيئًا إلا بيمين، ولكن -كما قلت قبل قليل- إذا أنت كنت تثق من صدق هذا الرجل، وقد ورثت من مال عمك شيئًا، فأدِّ له نصيبًا أو قسطًا ما يكون من نصيبك في ميراث عمك، وهكذا كل من صدقه من الورثة، فإنه يلزمهم أن يعطوه قسط نصيبهم من الورثة من التركة. اهـ. من فتاوى نور على الدرب.
والله أعلم.