الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم -هداك الله- أن هذه الأوصاف الغليظة بالبدعة، ومحاربة السنة، وهلم جرا، لا ينبغي أن يصدرها إلا عالم راسخ في العلم بالسنة، وما يضادها، فقد يكون ما تنكره على مخالفيك من مسائل الخلاف المعتبر بين أهل العلم، بل ربما كانوا هم المصيبين، وكنت أنت المخطئ، فعليك أن تجتهد في التعلم أولًا، وتعرف درجات المسائل ومنزلتها من الخلاف، وما يسوغ فيه الخلاف ويحتمل، وما ليس كذلك.
ثم لو سلمنا أن هؤلاء المذكورين يتلبسون ببعض البدع، فقد يكون فيهم من الخير أضعاف ما فيهم من الشر، وحسبك أنهم مسلمون، يشهدون أن لا إله إلا الله، ويصلون الخمس، ويصومون رمضان، ويشاركونك في عامة ما تؤمن به، وتؤديه من العقائد، والأحكام الشرعية.
فهوّن عليك -أيها الأخ-، وخفف من غلوائك، وهدئ من روعك، وأحب المسلمين، وأحب لهم الهداية، وادع لهم، ولنفسك بالهداية، والتوفيق، وخالقهم بالخلق الحسن، وشاركهم فيما اتفقتم على مشروعيته في حب، وود، وإخاء، ولا تحقد على أحد منهم، ولا تبغضه بغضًا مطلقًا، بل كل يُحَبُّ ويُبغَضُ بقدر ما فيه من الخير والشر، بل ارج الخير لهم، وسل الله لك ولهم التوفيق.
ثم ما اختلفت فيه معهم، فإن كان مما يسوغ فيه الخلاف، وكانوا ذاهبين فيه إلى أحد المذاهب المعتبرة، فدعهم وشأنهم، وهم معذورون بتقليد من يثقون به، كما أنك معذور بتقليد من تثق به، ومسائل الاجتهاد لا إنكار فيها.
وأما إن كانت تلك المسائل بدعًا وأغلاطًا محققة، فاسلك السبيل الشرعي في الدعوة والبيان، مستخدمًا اللين، والرفق ما أمكن، وأطلعهم على كلام العلماء فيما تنكره، فإن استجابوا لك، فالحمد لله، وإن كانت الأخرى، فاستغفر لهم، وادع لهم بالهداية، وتبقى أخوة الإسلام جامعة بينكم، وكثيرًا ما كانت الحدّة في التعامل مع المخالف سببًا في نفوره، وإعراضه عن الحق، فحذارِ أن تكون من المنفّرين، الذين ذمهم النبي صلى الله عليه وسلم.
هذه نصيحتنا لك، نسأل الله أن يعينك على نفسك، ويوفقك لما فيه رضاه.
والله أعلم.