الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد الحب وتعلق القلب، لا إثم فيه، لكن ينبغي الحذر من الاسترسال مع هذه الأمور، حتى لا تفضي إلى شر وفساد، وراجع الفتوى رقم: 131173
وتعلق الرجل بامرأة أخرى، وسعيه للزواج منها، ليس فيه خيانة لزوجته الأولى، أو ظلم لها، وليس فيه انحراف عن الفطرة، أو قدح في محبته لزوجته الأولى ووفائه لها؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم تزوج على نسائه ومنهن عائشة رضي الله عنها وهي أحب الناس إليه، ولم يكن ذلك قدحا في محبته لها ومكانتها عنده، وهو صلى الله عليه وسلم أعظم الناس وفاء، وإحسانا لأزواجه، قال صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.
وما قمت به من مراسلة الفتاة بغرض الزواج منها على الوجه الذي ذكرته، ليس فيه مخالفة شرعية. وإن كان الأحوط البعد عن المراسلة والمكالمة المباشرة، سداً لباب الفتنة.
وقد أباح الله للرجل الزواج بأكثر من امرأة إلى أربع، إذا كان قادراً على مؤنة الزواج، والعدل بينهن، وقد شرع ذلك لحكم جليلة، ومصالح عظيمة تشمل الرجال والنساء، وقد بينا بعضها في الفتوى رقم: 71992.
ولا حرج على الفتاة في قبول الزواج برجل متزوج، ما دامت رضيت دينه وخلقه، وقد يكون في بعض الأحيان أفضل من غير المتزوج، فالعبرة في نجاح الزواج بتوفر الدين والخلق، وحصول المودة والتفاهم بين الزوجين.
ونصيحتنا لك أن تحافظ على حدود الشرع وآدابه في التعامل مع الأجنبيات، وتجتنب كل ما يؤدي إلى الفتنة بهن.
وإذا لم تكن لك حاجة في الزواج بأخرى، فالأولى ألا تتزوج على زوجتك، ما دامت صالحة، محسنة في عشرتها لك، فقد ذكر أهل العلم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ترك الزواج على خديجة رضي الله عنها في حياتها، وفاء وإكراما لها.
قال ابن حجر: ومما كافأ النبي صلى الله عليه و سلم به خديجة في الدنيا، أنه لم يتزوج في حياتها غيرها. اهـ.
وقد جاء في فتح القدير للكمال ابن الهمام: وَقَالُوا: إذَا تَرَكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ كَيْ لَا يُدْخِلَ الْغَمَّ عَلَى زَوْجَتِهِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ، كَانَ مَأْجُورًا. اهـ.
والله أعلم.