الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا الوصف يزعجك وتكرهينه، فهو غيبة.
وإذا انضم إلى ذلك سوقه على سبيل السخرية، والانتقاص، كان أعظم إثمًا؛ لأنه حينئذ فيه الجمع بين الغيبة، والسخرية، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11}، وروى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون ما الغيبة؟». قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: « ذكرك أخاك بما يكره». قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته».
وفي الغيبة نوع من الظلم، قال الغزالي في إحياء علوم الدين، وهو يتكلم عن مظالم العباد: ومظالم العباد إما في النفوس، أو الأموال، أو الأعراض، أو القلوب، أعنى به الإيذاء المحض ... وأما الجناية على القلوب بمشافهة الناس بما يسوؤهم، أو يعيبهم في الغيبة. اهـ.
ومن حق المظلوم أن يدعو على ظالمه، ولكن العفو أفضل، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 27841.
بقي أن نبين أن من رفع إليه أن فلانًا تكلم فيه بسوء، وجب عليه أن يتثبت من ذلك، عملًا بقول الحق تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}.
وننبه إلى أن الزواج من أمور الخير، وفيه كثير من مصالح الدنيا والآخرة، فلا ينبغي أن تيأس المرأة إن لم يتقدم إليها الخطاب، أو أعرضوا عنها، فسيكون لها ما كتب الله، فعليها أن تكثر من الدعاء، فربنا سميع مجيب، وهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.
ويجوز لها البحث عن الأزواج، وعرض نفسها على من ترغب في أن يكون لها زوجًا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 18430.
والله أعلم.