الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمخالطة الرجال للنساء لا تجوز، إلا إذا كانت هناك ضرورة أو حاجة تنزل منزلة الضرورة.
أما الاطلاع على عورات النساء، فهو أشد حرمة، ولو أذنَّ، فكيف إذا لم يأذنَّ؟! ولا يبرر ذلك كون المستشفى للتعليم، ولا يباح بحال للطبيب أن يرى عورات النساء، إلا إذا كانت ثم ضرورة للمرأة لا يمكن دفعها إلا بذلك.
قال صاحب مجمع الأنهر:
ويحرم النظر إلى العورة إلا عند الضرورة كالطبيب.
وجاء في الفتاوى:
امرأة أصابتها قرحة في موضع لا يحل للرجل أن ينظر إليها، لكن تعلم امرأة تداويها، فإن لم يجدوا امرأة تداويها، ولا امرأة تتعلم ذلك إذا عُلِّمَتْ وخيف عليها البلاء أو الوجع أو الهلاك، فإنه يستر منها كل شيء إلا موضع تلك القرحة، ثم يداويها الرجل ويغض بصره ما استطاع، إلا عن ذلك الموضع، ولا فرق في هذا بين ذوات المحارم وغيرهن، لأن النظر إلى العورة لا يحل بسبب المحرمية، كذا في فتاوى قاضي خان.
أما عمل الرجل في مجال أمراض النساء والتوليد، فتحفه محذورات شرعية كثيرة من مخالطة النساء والاطلاع على عوراتهن، ولا يخفى ما في ذلك من المفاسد التي لا تباح إلا لضرورة أو حاجة تنزل منزلتها، كما قدمنا، وهذا لا شك يضيق من مجال عمل طبيب أمراض النساء أو الولادة، لكنه مع التزام الضوابط الشرعية مباح، كما في الفتوى رقم:
7764.
ولا يجوز للرجل أن يخالط النساء في مجال العمل ولو صار ذلك واقعا لا ينكره أحد.
وهذا الاختلاط من أسباب شيوع الفواحش والمنكرات وحلول العقوبات.
قال
ابن القيم رحمه الله:
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، ومن أسباب الموت العام والطواعين المتصلة، ولما اختلط البغايا بعسكر موسى وفشت فيهم الفاحشة أرسل الله عليهم الطاعون فمات في يوم واحد سبعون ألفا، والقصة مشهورة في كتب التفاسير.
فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من الاختلاط بالرجال.. قال عبد الله بن مسعود: إذا ظهر الزنا في قرية أذن الله بهلاكها.
والله أعلم.