الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن المعلوم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلا يطاع الوالد في قطيعة الرحم، ويمكنكم أن تصلوا أرحامكم بدون علم والدكم، ولكن صلة الرحم درجات منها ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب. كما أن الشرع حين أمر بصلة الرحم لم يبين مقدار صلة الرحم ولا جنسها، ولم يحصرها في الزيارة، بل يرجع فيها إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو القطيعة.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: صلة الرحم ما فيها حد، لا في المدة، ولا في الكيفية، ولا بالذي يوصل به مال أو كسوة أو غيره، فجاءت النصوص مطلقة، صلة رحم، فما عده الناس صلة فهو صلة، وما عدوه قطيعة فهو قطيعة ..اهـ.
والأرحام أيضا ليسوا في درجة واحدة، فمنهم المحارم وهؤلاء تجب صلتهم، ومنهم غير المحرم، وهؤلاء اختلف الفقهاء في وجوب صلتهم، فمنهم من قال تجب، ومنهم من قال تستحب.
فالأمر إذن واسع، يمكن معه أن تجمعوا بين صلة أرحامكم وعدم إغضاب والدكم، فيجب عليكم أن تصلوا أرحاكم بالحد والكيفية التي يسقط بها الواجب عنكم، وتبرأ به ذمتكم، ولا يطاع الوالد في قطع هذا الحد الواجب، وليكن ذلك من غير إعلامه به.
ونسأل الله له الشفاء، وانظر الفتوى رقم: 234154 في بيان درجات صلة الرحم، والفتوى المحال عليها فيها، في ماهية الرحم الواجب صلتها.
والله تعالى أعلم.