الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرض من الأعذار المبيحة لترك الجماعة، وكذا خوف حدوث المرض أو زيادته، أو تباطؤ البرء. كل هذا من الأعذار المبيحة لترك الجماعة.
فإن كان والدك يتضرر بالذهاب إلى المسجد لأجل مرضه، أو كان يخشى زيادة المرض، أو تأخر الشفاء؛ فلا إثم عليه في الصلاة في بيته منفردا.
قال البهوتي في شرح الإقناع: (ويعذر في ترك الجمعة والجماعة مريض)؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «لما مرض، تخلف عن المسجد، وقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس» متفق عليه. (و) يعذر في ذلك (خائف حدوثه) لما روى أبو داود عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر العذر بالخوف والمرض» (أو) خائف (زيادته) أي المرض (أو تباطئه)؛ لأنه مريض. انتهى. والمرض المبيح لترك الجماعة هو ما شق معه الذهاب للمسجد.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: (أَوْ خَاصٍّ كَمَرَضٍ) يَشُقُّ الْمَشْيُ مَعَهُ، كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْمَطَرِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرِيضَةِ. كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمَّا مَرِضَ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ أَيَّامًا كَثِيرَةً». أَمَّا الْخَفِيفُ كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ، وَحُمَّى خَفِيفَةٍ، فَلَيْسَ بِعُذْر. انتهى.
فإن كان أبوك بهذه المنزلة، فلا حرج عليه في ترك الجماعة، ثم إن استطاع أن يصلي جماعة في بيته، فهو حسن، ويحصل له بذلك أجر الجماعة -إن شاء الله- وإلا فلا إثم عليه.
والله أعلم.