الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن، وتعلمه، وعمل به، ألبس والداه يوم القيامة تاجا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتين لا تقوم بهما الدنيا! فيقولان: بم كسينا؟! فيقال: بأخذ ولدكما القرآن. رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره.
وهذا الحديث لم يحدد فيه عمر الولد حين حفظ القرآن, فيترك على عمومه، وينال والداه ذلك الفضل بشرط أن يقرأ الولد القرآن, ويتعلمه, ويعمل بما فيه.
جاء في المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود لمؤلفه: محمود محمد خطاب السبكي:
(قوله: من قرأ القرآن) أي ورتله لأنه هو الذي يستحق الإكرام، ولقوله تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) بخلاف من قرأه بغير ترتيل فإنه يستحق الإثم والانتقام.
(قوله: وعمل بما فيه) أي من الأخلاق والآداب والأحكام؛ فأتمر بأوامره، واجتنب نواهيه، واتعظ بمواعظه.
(قوله: ألبس والداه تاجًا يوم القيامة) قيل هو كناية عن السعادة، وسعة الملك يوم القيامة، والأقرب إبقاء التاج على ظاهره، وأنه ما يصاغ للملوك من الذهب والجواهر، بقرينة قوله: ضوؤه أحسن من ضوء الشمس، وعبر بأحسن دون أنور وأشرق إعلامًا بأن تشبيه التاج مع ما فيه من نفائس الجواهر بالشمس ليس لمجرد الإشراق والضوء، بل مع رعاية شيء من الزينة والحسن. انتهى
والله أعلم.