الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتجب صلة الرحم، وتحرم قطيعتها؛ كما بينا في الفتويين: 26850، 43714.
وصلة الرحم وسائلها متعددة، فكل ما عده الناس صلة فهو كذلك، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 11494.
فإن كانت الصلة بالزيارة يترتب عليها نوع من الحرج، فلا بأس بالصلة بغيرها من الوسائل. ومن صبر على هذا الجفاء ووصل رحمه بالزيارة، فتلك قربة من أعظم القربات.
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله؛ إن لي قرابة أصلهم، ويقطعوني، وأحسن إليهم، ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم، ويجهلون عليَّ. فقال: لئن كنت كما قلت؛ فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
ومقابلة الإساءة بالإحسان قد تكون سببا في إزالة الكدر وعودة الصفاء، قال الله عز وجل: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}
قال ابن كثير: وقوله: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة؛ أي: فرق عظيم بين هذه وهذه، ادفع بالتي هي أحسن؛ أي: من أساء إليك، فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر رضي الله عنه: ما عاقبتَ من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه.
وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم؛ أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك. اهـ.
وننصح في السعي بين الإصلاح، وإزالة أسباب الجفاء، فإن الألفة والمودة من مقتضيات الأخوة الإسلامية، ويتأكد ذلك في حق ذوي القرابة والرحم. ولمزيد الفائدة انظري الفتوى: 138743.
والله أعلم.