الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام زوجك أخبرك أنّه نوى هذه النية بيمينه، فلا يقع الطلاق إذا ولدت بنتًا بعد ذلك؛ لأنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك: أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ، أو مخالفًا له ... والمخالف يتنوع أنواعًا: أحدها: أن ينوي بالعام الخاص ... ومنها: أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقًا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. اهـ.
وننبه في الختام إلى أن أمر الذرية إلى الله تعالى، ولا دخل للإنسان فيه، قال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ{الشورى:48-49}.
فلا يليق بالزوج، ومن العيب في حقه، أن يؤاخذ زوجته بإنجابها البنات.
ثم إن كره ولادة بالبنات من شأن أهل الجاهلية الذي ذمه الله تعالى، وأنكره عليهم، فقال سبحانه: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ {النحل:58-59}.
هذا بالإضافة إلى أن هنالك فضلًا عظيمًا في ولادة البنات، سبق بيان بعض النصوص المتعلقة به في الفتويين: 124794، 108135.
وننبه أيضًا إلى أن من الخطأ الفادح أن يتخذ الأزواج الطلاق سيفًا تهدد به المرأة فيما لها فيه يد، فكيف بما لا يد لها فيه ألبتة، فإن هذا يتنافى مع مقتضى العقل، ومع حسن العشرة الذي أمر الله عز وجل به الأزواج في كتابه، كما في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، قال السعدي في تفسيره، تعليقًا على هذه الآية: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ.
وروى الترمذي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله.
والله أعلم.