الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما ذكرته عن أمك هو الواقع، فهذه تصرفات منها قبيحة عظيمة، ومساعٍ سيئة، خاصة وأنها قد تقدمت بها السن، إضافة إلى كونها تحت زوج، فهي بذلك عاصية لربها، ومفرطة في حق زوجها، فتجب عليها التوبة إلى الله عز وجل، والحذر من العودة لمثل هذه الفعال في المستقبل. ولمعرفة شروط التوبة يمكن مطالعة الفتوى: 29785.
فاعمل على مناصحتها، وذكرها بالله -تعالى- وأليم عقابه، وقد بينا القول في أدب الإنكار على الوالدين في الفتوى: 224710، والفتوى: 134356.
ويجب عليك برها، فإساءتها لا تسقط عنك وجوب البر، فعليك ببرها بكل ما يعد بِرًّا عرفا، والحذر من الإساءة إليها بكل ما يعد عرفا إساءة؛ لأن ذلك عقوق لها، ويدخل في هذا ما ذكرته من الهجر، والإعراض، وتمني الموت، وترك الدعاء لها، أو الترحم عليها. وأما ما لا دخل لك فيه؛ كالكره القلبي لها بسبب سوء تصرفاتها، أو عدم الحزن عليها إذا ماتت فلا مؤاخذة عليك فيه، وراجع الفتوى: 300613، والفتوى: 299887، والفتوى: 299953.
بقي أن نبين أن التجسس محرم في الأصل، ولكن إن كان لمنع منكر عند ظهور ريبة فإنه جائز، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 234544.
وأما الحبس ونحوه فلا حرج فيه إن تعين طريقا لمنعها من الفجور، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: مسألة: في امرأة متزوجة بزوج كامل، ولها أولاد، فتعلقت بشخص من الأطراف، أقامت معه على الفجور، فلما ظهر أمرها سعت في مفارقة الزوج: فهل بقي لها حق على أولادها بعد هذا الفعل؟ وهل عليهم إثم في قطعها؟ وهل يجوز لمن تحقق ذلك منها قتلها سرا؟ وإن فعل ذلك غيره يأثم؟
الجواب: الحمد لله.. الواجب على أولادها وعصبتها أن يمنعوها من المحرمات، فإن لم تمتنع إلا بالحبس حبسوها، وإن احتاجت إلى القيد قيدوها، وما ينبغي للولد أن يضرب أمه. وأما برها فليس لهم أن يمنعوها برها، ولا يجوز لهم مقاطعتها بحيث تتمكن بذلك من السوء، بل يمنعوها بحسب قدرتهم، وإن احتاجت إلى رزق وكسوة رزقوها وكسوها، ولا يجوز لهم إقامة الحد عليها بقتل ولا غيره، وعليهم الإثم في ذلك. اهـ.
والله أعلم.