الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإغلاق الهاتف، وانفرادك بعض الوقت عن أمّك، إذا لم يكن فيه إيذاء لها؛ فلا حرج عليك فيه.
أمّا كلامك معها بما يغضبها من الكلام الذي لا يليق، أو الإساءة إليها بقول أو فعل، فغير جائز، فحقّ الأمّ على ولدها عظيم.
وقد أمرنا الله بمخاطبة الوالدين بالأدب والرفق، والتواضع والتوقير، ونهى عن زجرهما وإغلاظ القول لهما؛ قال تعالى: .. فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء: 23-24}.
قال القرطبي -رحمه الله-: (وقل لهما قولا كريما ) أي لينا لطيفا، مثل: يا أبتاه، ويا أمّاه، من غير أن يسميهما، ويكنيهما.
قال عطاء: وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته، إلا قوله: وقل لهما قولا كريما. ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب، للسيد الفظ الغليظ. الجامع لأحكام القرآن.
وجاهد نفسك، واستعن بالله على الصبر وحسن الخلق عامة، ومع الأمّ خاصة؛ فإنّ الأخلاق تكتسب بالتعود والتمرين.
فعن أبي الدرداء قال: العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم. ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه. رواه الخطيب في تاريخه.
والله أعلم.