الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمعنى هذه الآية إجمالاً -والله أعلم- كما يفهم من تفسير جماعة من المفسرين لها، أنه لا يتأتى أو لا يصح أو لا يسهل على الشمس أن تدرك القمر في مسيرته، لأن لكل منهما مساراً مستقلاً، وهما مساران متباعدان لا مجال لالتقائهما، فكلاهما يسبح في مجال فسيح، ولذلك فلا مجال للقول إن الليل سابق للنهار، أو إن النهار سابق لليل، وكل من الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب يسبح في الفضاء في فلك لا يخرج عنه أبداً.
يقول صاحب الظلال -رحمه الله تعالى-: .... ولكل نجم أو كوكب فلك أو مدار، لا يتجاوزه في جريانه أو دورانه، والمسافات بين الكواكب مسافات هائلة... وقد قدر الله عز وجل خالق هذا الكون الهائل أن تقوم هذه المسافات الهائلة بين مدارات النجوم والكواكب، ووضع تصميم الكون على هذا النحو ليحفظه بمعرفته من التصادم والتصدع حتى يأتي الأجل المعلوم، فالشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر، والليل لا يسبق النهار ولا يزحمه في طريقه، لأن الدورة التي تجيء بالليل والنهار لا تختل أبداً، ولا يسبق أحدهما الآخر أو يزحمه في الجريان "وكل في فلك يسبحون".
وحركة الأجرام في الفضاء الهائل أشبه بحركة السفين في الخضم الفسيح، فهي في ضخامتها لا تزيد على أن تكون نقطا سابحة في ذلك الفضاء المرهوب... اهـ.
والحاصل؛ أن الله -عزَّ وجلَّ- نظم سير الشمس والقمر على نظام يستحيل معه اتصال أحدهما بالآخر لشدة البعد بين مداريهما... ولأن كل الكواكب تسبح في فلك فسيح هائل.
والله أعلم.