الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ووفقنا الله وإياك إلى طاعته وخدمة دينه، ونسأله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجنبنا الخطأ والزلل.
والزواج من أمور الخير التي ينبغي المبادرة إليها قدر الإمكان، ففيه كثير من مصالح الدين والدنيا، والأعمار محدودة والآجال معدودة، وسبق ذكر جملة من هذه المصالح في الفتوى: 194929، والفتوى: 340735.
ويبدو أن مشكلتك من جهتين:
الأولى: القدرة المادية. وهنا نقول إنه ينبغي لإخوتك الوقوف بجانبك ومساعدتك إن كانوا قادرين على ذلك، فإنها إعانة على قربة فلهم فيها الأجر العظيم، قال تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الحج:77}، وقال سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى{المائدة:2}.
وإن كنت في حاجة لمساعدتهم اليوم، فقد يكون الواحد منهم في حاجة لمساعدتك في المستقبل، فإن لم يعطوك على سبيل الهبة فليعطوك على سبيل القرض، على أن تسدد لهم بأقساط حسبما يتيسر.
فإن لم يفعلوا، فلا تؤاخذهم، ولا يجوز لك الدعاء عليهم؛ فإنهم لم يمنعوك حقا لك حتى يكونوا ظالمين لك، بل لو قدر أن كان منهم ظالم فالعفو أفضل، وراجع الفتوى: 27841.
الثانية: اختيار الزوجة، وما ذكرت من ترددك بسبب الخجل. وما كان ينبغي أن يكون هذا الأمر مانعا لك في سبيل البحث عن الزوجة، وكان من الممكن أن تستعين ببعض أخواتك أو قريباتك ونحو ذلك.
فوصيتنا لك مع صدق العزيمة، دعاء الله عز وجل وسؤاله التوفيق، فهو سبحانه سميع مجيب، وهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.
واجتهد في البحث، فقد ييسر لك من الأولياء من يزوجك ابنته باليسير، ولا شك في أن الزواج من أسباب الغنى، كما شهدت بذلك نصوص الكتاب والسنة، وراجع الفتوى: 7863.
يسر الله أمرك، ورزقك الزوجة الصالحة التي تسعد بها. وإن لم يتيسر لك أمر الزواج فاصبر، واعمل بكل أمر مشروع يزيل عنك هذا الضرر، فإن لم تجد سبيلا إلى شيء من ذلك، وتأذيت بهذا الألم وخشيت على نفسك الضرر؛ ولم يجد معك الصوم ونحوه مما يخفف غلواء الشهوة، فمن أهل العلم من رأى ارتكاب أخف الضررين عندئذ بالاستمناء؛ لإزالة الضرر واستفراغ المستجمع من الشهوة، وراجع الفتوى: 130812، والضرورة تقدر بقدرها، فإن زالت الحاجة إليها رجعت إلى الأصل وهو المنع، وانظر الفتوى: 23935، لمزيد الفائدة.
والله أعلم.