الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك -إن شاء الله- في رفض هذا الشاب لأجل وضعه المادي، والأمر في الحديث الذي ذكرته ليس للوجوب، قال المناوي في فيض القدير عند شرحه له: "فزوجوه"، ندبًا مؤكًدا. اهـ. أي: تأكيد استحباب تزويجه من غير إيجاب.
ومع هذا؛ فإن كان هذا الشاب صاحب دين، وخُلُق، فإننا ننصحك بقبوله زوجًا:
أولًا: امتثالًا لهذا الأمر النبوي، فلعل الله عز وجل يبارك لك في هذا الزواج؛ لهذا المقصد النبيل، وعسى الله سبحانه أن يقدر لك معه السعادة، وقد ورد في الأثر عن الحسن البصري أنه أتاه رجل فقال: إن لي بنتًا أحبها، وقد خطبها غير واحد، فمن تشير عليّ أن أزوجها؟ قال: زوجها رجلًا يتقي الله، فإنه إن أحبها، أكرمها، وإن أبغضها، لم يظلمها. أورده البغوي في شرح السنة.
وثانيًا: أن يسر مؤنة الزواج، وقلة الصداق، من أسباب بركته؛ ففي مسند أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من يمن المرأة: تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها.
ثالثًا: أن الزواج من أسباب الغنى؛ بدلالة نصوص الكتاب، والسنة، قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وروى الترمذي، والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف.
ونوصيك في الختام باستشارة العقلاء، والناصحين ممن يعرفون هذا الشاب، وكذلك استخارة الله سبحانه فيه، وحقيقة الاستخارة تفويض العبد أمره إلى الله عز وجل؛ ليختار له الأصلح، فراجعي كيفية الاستخارة، وبعض أحكامها في الفتوى: 19333، والفتوى: 123457.
والله أعلم.