الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله. قال ابن القيم -رحمه الله- في روضة المحبين: فأما سبيل الزنى فأسوأ سبيل، ومقيل أهلها في الجحيم شر مقيل، ومستقر أرواحهم في البرزخ في تنور من نار يأتيهم لهبها من تحتهم، فإذا أتاهم اللهب ضجوا وارتفعوا، ثم يعودون إلى موضعهم، فهم هكذا إلى يوم القيامة، كما رآهم النبي في منامه، ورؤيا الأنبياء وحي لا شك فيها، ويكفي في قبح الزنى أن الله سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شرع فيه أفحش القتلات وأصعبها وأفضحها، وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله. انتهى.
وقد جاء الشرع بمنع كل ما يفضي إلى الزنا، ويدعو إليه، فجعل لتعامل الرجال مع النساء الأجانب حدودًا تحقق العفة، وتصون الأعراض، وتحافظ على طهارة القلوب. فالخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية حرام، والحديث بينهما لا يكون إلا للحاجة والمصلحة المعتبرة شرعاً في حدود الاحتشام، والبعد عن كل ما يثير الفتنة من الخلاعة والليونة وإزالة الكلفة، وأمر الله المرأة بالحجاب، كما أمر بغض البصر، فإن إطلاق البصر إلى الحرام من أعظم أسباب الوقوع في الفاحشة.
قال ابن القيم -رحمه الله في الجواب الكافي: وأمر الله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم، وحفظ فروجهم، وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم، مطلع عليها، يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغضه مقدما على حفظ الفرج، فإن الحوادث مبدأها من النظر، كما أن معظم النار مبدأها من مستصغر الشرر. انتهى.
فالواجب عليك قطع علاقتك المحرمة بهذا الرجل على الفور، والمبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه. ومن صِدْق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان، ويجتهد في الأعمال الصالحة، ويكثر من الذكر والاستغفار.
وراجعي الفتوى: 5450.
والله أعلم.