الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يزيدك حرصا على اتقاء المحرمات، وأن يغنيك من الحلال الواسع.
واعلم أنه يجب عليك ترك العمل الذي وصفته، لما فيه من الإعانة على التعامل بالربا، ومن الأمور المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله محرمة؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم. فلم يجعل الوعيد خاصا بآكل الربا وحده، بل شمل الكاتب والشاهد؛ لأنهم أعانوا على أكل الربا.
قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وساقيها وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: إني أعمل عند رجل يتاجر في أعلاف الدواجن، ولكن يقترض من البنوك مبالغ للمتاجرة فيها مقابل فائدة متفق عليها، وأعمل محاسبا، وبحكم عملي أقوم بتسجيل عمولة البنك، وفائدة البنك التي يفرضها علينا بحكم العقد. فما حكم الدين في عملي؟
فأجابت: لا يجوز لك ذلك العمل؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، ولأن الذي يعمل في ذلك يشمله الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه لعن آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه » أخرجه مسلم في صحيحه.اهـ.
وصعوبة إيجاد وظيفة أخرى، لا يسوغ لك الاستمرار في العمل المحرم، ما دمت ميسور الحال ولست مضطرا.
وراجع في بيان ضابط الضرورة التي يرخص بسببها في الكسب المحرم، الفتوى: 237145.
وثق ثقة تامة أنك إن تركت العمل المحرم ابتغاء رضوان الله، فسيعوضك الله خيرا لك منه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل، إلا أعطاك الله خيرا منه. أخرجه أحمد وصححه الألباني.
والله أعلم.