الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الذي رجحه بعض أهل العلم أن ريحانة بنت زيد، لم تكن زوجة للنبي صلي الله عليه وسلم, وإنما كانت من إمائه، وقد توفيت في حياته -صلى الله عليه وسلم- على قول, ودفنت بالبقيع، جاء في زاد المعاد لابن القيم: قيل: ومن أزواجه ريحانة بنت زيد النضرية، وقيل: القرظية، سبيت يوم بني قريظة، فكانت صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقها وتزوجها، ثم طلقها تطليقة، ثم راجعها.
وقالت طائفة: بل كانت أمته، وكان يطؤها بملك اليمين؛ حتى توفي عنها، فهي معدودة في السراري، لا في الزوجات، والقول الأول اختيار الواقدي، ووافقه عليه شرف الدين الدمياطي. وقال: هو الأثبت عند أهل العلم. وفيما قاله نظر، فإن المعروف أنها من سراريه، وإمائه، والله أعلم. انتهى.
وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج: ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خُنافة من بني النضير، سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعتقها، وتزوجها سنة ستّ، وماتت مرجعه من حجة الوداع، فدفنها بالبقيع، وقال الواقديّ: ماتت سنة ست عشرة، وصلى عليها عمر، قال أبو الفرج ابن الجوزيّ: وقد سمعت من يقول: إنه كان يطؤها بملك اليمين، ولم يُعتقها، قال القرطبي: ولهذا -والله أعلم- لم يذكرها أبو القاسم السهيليّ في عِداد أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وإذا لم تكن ريحانة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ـ بناء على ما رجحه بعض أهل العلم ـ، فإنها ليست من أمهات المؤمنين؛ لقوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا {الأحزاب:6}.
وأما كون ريحانة من أهل الجنة, فلم نقف على من قال به, وذلك هو ما نرجوه، إلا أن الأصل عدم الشهادة بالجنة للمعين إلا بنص صحيح، جاء في المستدرك على مجموع شيخ الإسلام ابن تيمية: وكما نقول في الشهادة بالجنة والنار؛ فإنا نشهد بأن المؤمنين في الجنة، وأن الكافرين في النار، ونشهد بالجنة والنار لمن شهد له الكتاب، والسنة، ولا نشهد بذلك لمعين، إلا من شهد له النص. انتهى.
والله أعلم.