الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالرشوة من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}، ولحديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
لكن ما يتوصل به المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر عنه، ليس من قبيل الرشوة المحرمة؛ لأن الرشوة الممنوعة هي ما أعطي لإحقاق باطل أو إبطال حق، أما ما أعطي لإحقاق الحق أو إبطال الباطل فهذا غير محرم، وبذله جائز عند الجمهور.
قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي: فأما ما يعطى توصلًا إلى أخذ حق، أو دفع ظلم، فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء، فأَعطى دينارين حتى خلِّي سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين، قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم... وفي المرقاة شرح المشكاة: قيل: الرشوة ما يعطى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق، أو ليدفع به عن نفسه، فلا بأس به.
وينبغي أن تشافه أهل العلم حيث أنت لينظروا في حالتك هذه. هل لك سبيل للوصول إلى حقك بالطرق المشروعة أم لا؟ ومن ثم تعرف أنت هل ما تريد بذله يعتبر من الرشوة المحرمة أو لا؟ لأن لديهم من الاطلاع على قانون العقار وغيره مما يتعلق بهذه المسألة ما ليس لدى غيرهم، ولا يحتاجون إلى فرض احتمالات قد لا يكون لها وجود في الواقع.
والله أعلم.