الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإن المذهب الفقهي الذي عليه المسلمون في الهند، ودول آسيا، هو مذهب الحنفية، وسجود السهو عندهم بعد السلام مطلقًا؛ سواء كان عن زيادة أم نقصان، والأحسن عندهم أن يسجد للسهو بعد التسليمة الأولى، جاء في الاختيار لتعليل المختار: وَيَسْجُدُ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، وَيُسَلِّمُ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ السَّلَامِ»، وَرَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ»، ثُمَّ قِيلَ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ، وَقِيلَ: تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ الْأَحْسَنُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَخِرُّ سَاجِدًا وَيُسَبِّحُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ ثَانِيًا، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، وَيَأْتِي بِالدُّعَاءِ; لِأَنَّ مَوْضِعَ الدُّعَاءِ آخِرُ الصَّلَاةِ، وَهَذَا آخِرُهَا. اهــ. وفي المحيط البرهاني عن كيفية سجود السهو في المذهب عندهم: وأما الكلام في كيفيتهما، قال القدوري -رحمه الله- في كتابه: يكبر بعد سلامه الأول، ويخر ساجدًا، ويسبح في سجوده، ثم يفعل ثانيًا كذلك، ثم يتشهد ثانيًا، قوله: يكبر بعد صلاته الأول يشير إلى أنه يكتفي بتسليمة واحدة، وهذا فصل اختلف فيه المشايخ عامتهم، على أنه يكتفي بتسليمة واحدة. اهــ.
وما دام أن هذا قول معتبر لأحد المذاهب الأربعة، فلا يجزم بأنه خطأ، وينبغي لك أن تتابع الإمام فيه، فتسجد معه بعد السلام، ولو كنت ترى أن سجود السهو محله قبل السلام.
وما ذكرته عن المأمومين أنهم لا يسلمون مع الإمام التسليمة الأولى إذا سجد للسهو، فإن المأموم عند الحنفية ــ كغيرهم ــ يسلم مع إمامه، إلا إذا كان مسبوقًا، فإنه لا يسلم معه، بل يسجد معه للسهو، ثم يقوم لقضاء ما فاته، قال ابن الهمام الحنفي في فتح القدير: وَسَهْوُ الْإِمَامِ يُوجِبُ عَلَى الْمُؤْتَمِّ السُّجُودَ)، وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا لَمْ يُدْرِكْ مَحَلَّ السَّهْوِ مَعَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ، بَلْ يَنْتَظِرُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ حَتَّى يَسْجُدَ، فَيَسْجُدَ مَعَهُ، ثُمَّ يَقُومُ إلَى الْقَضَاءِ. اهــ.
والله تعالى أعلم.