الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسن السائل بإقلاعه عن هذا العمل المحرم، من أكل أموال الناس بالباطل، والتعدي عليها، وانظر الفتوى: 20632.
وسواء أكان يعتقد حرمة هذا العمل أم حله، فالواجب عليه هو رد هذه الأموال إلى الجهة التي أخذت منها بغير حق، سواء ما بقي منها، أم ما سبق إنفاقه.
فإن عجز عن ذلك، ثبت المال في ذمته إلى أن يؤديه.
وما ذكره السائل من اضطراره لفعل ما فعل، فإن ذلك لا يسقط حق هذه الجهة في المال، وإنما يسقط عنه الإثم، إن كان اضطراره متحققًا، وانظر الفتوى: 132767.
وأما إذا اتصل بهذه الجهة، وطلب العفو منها، فسامحته، أو أحلَّته من هذا المال، فلا حرج عليه عندئذ، ويطيب له المال.
فإذا لم تحله، ولم تعف عنه، ومع ذلك عجز عن رده -كله أو بعضه-، فيكفيه مع توبته أن يعزم على رده، إذا تيسر ذلك، وليكثر من الحسنات، والأعمال الصالحات، وليسأل الله تعالى أن يحمل عنه تبعة هذا المال، قال الغزالي في كتاب: (منهاج العابدين) في بيان كيفية التوبة من الذنوب التي بين العبد وبين الناس، إذا كانت في المال: يجب أن ترده عليه، إن أمكنك، فإن عجزت عن ذلك -لعدم، أو فقر-، فتستحلّ منه، وإن عجزت عن ذلك -لغيبة الرجل، أو موته-، وأمكن التّصَدُّقُ عنه، فافعل، فإن لم يمكن، فعليك بتكثير حسناتك، والرجوع إلى الله تعالى بالتضرّع، والابتهال إليه أن يرضيه عنك يوم القيامة. اهـ. وانظر الفتوى: 114435.
والله أعلم.