الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ما تعني بكون الطلاق قد وقع، فإن كنت تعني أن المحكمة الوضعية هي التي أوقعته، فلا اعتبار له، كما أفتى بذلك مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا، كما في نص قرارهم: إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً شرعياً فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية. اهـ. ولكن إن تلفظ به الزوج، ورفعه للمحكمة لمجرد التوثيق، فقد وقع الطلاق.
ولا يكون هذا الطلاق خلعا إلا إذا كان في مقابل عوض، وانظر الفتوى: 13702، ففيها بيان أركان الخلع.
ومؤخر الصداق حق لها إن لم تكن قد تنازلت عنه، ولا يجوز له الامتناع عن دفعه إليها، وكذلك من حقها نفقتها مدة العدة، وليس من حقها أن تأخذ أكثر من ذلك، ولو حكمت لها به المحكمة الوضعية.
ولا يجوز التحاكم لمثل هذه المحكمة إلا للضرورة، فنرى أن ترفعوا الأمر إلى أحد المراكز الإسلامية، أو توسيط أهل الخير، فإن عجزوا عن حل المشكلة، فلا بأس برفع الأمر إلى المحكمة الوضعية، ولها أن تأخذ مما تحكم لها به بقدر حقها منه دون الزيادة. وراجع الفتوى: 236581، والفتوى: 28871.
وننبه إلى أن الحياة الزوجية شرعت للدوام والاستقرار، وأن تسود بين الزوجين المودة والوئام، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}، ويتحقق ذلك بمعرفة كل من الزوجين حقه على الآخر، وقيامه به على أكمل وجه، قال الله سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
وراجع الفتوى: 27662، ففيها بيان الحقوق بين الزوجين.
هذا وإن من أسوإ الأخلاق أن يسيء الرجل معاملة زوجته، أو يعتدي عليها، أو يظلمها، فيمنعها حقها، والله عز وجل مطلع عليه، وهو أقدر عليه، وقادر على الانتقام منه، قال عز وجل: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}.
قال ابن كثير: تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وليهن، وهو ينتقم ممن ظلمهن، وبغى عليهن. اهـ.
والله أعلم.