الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أصاب السائل في إثبات الكمال المطلق لله تعالى من كل الوجوه، فالأمر كذلك وأكبر من ذلك. فإننا لا نستطيع تصور أو إدراك تفاصيل هذا الكمال، فضلا عن الإحاطة به علما!! قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصفدية: لا يقدر العباد أن يعلموا ما يستحقه الرب من الحمد والثناء، بل قد قال أعلمهم بالله: "لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك". اهـ.
وقال ابن القيم في طريق الهجرتين: هو الذى لا يُحدُّ كماله، ولا يوصف جلاله وجماله، ولا يحصي أحد من خلقه ثناءً عليه، بجميل صفاته، وعظيم إحسانه، وبديع أفعاله، بل هو كما أثنى على نفسه. اهـ.
ولكن الشيء الذي نبا عن فهم الأخ السائل هو أن: المحال ليس بشيء حتى تتعلق به القدرة، بل هو عدم محض! والذي لا يفرق بين تعلق القدرة بالممكن وتعلقها بالمحال، كيف سيجيب إذا سئل السؤال القديم المشهور، وهو: هل يستطع ربك أن يفني نفسه، أو أن يخلق مثله، أو أكبر منه؟ فإذا قال: يقدر! فقد خالف مقتضى العقل والإيمان معا. وإذا قال: لا. فقد أخرج شيئا عن قدرة الله، على فهم السائل!! ولكن الجواب الصحيح أن نقول: الله على كل شيء قدير، وهذا المسئول ليس بشيء، لكونه محالا ممتنعا لذاته.
وقد سبق لنا في الفتوى: 364606 بيان أن القدرة من حيث هي، إنما تتعلق بالممكن، لا بالواجب ولا بالممتنع؛ لأن الوجود والعدم فيهما تقتضيه ذاتهما. كما سبق لنا في الفتويين: 111144، 291610 بيان أن عدم تعلق القدرة بالمحال والممتنع، لا يتعارض مع قدرة الله على كل شيء؛ لأن المحال والممتنع ليسا بشيء أصلا.
والله أعلم.