الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتوبة لا يشترط لها إقامة الحد، وإنما يكفي للتوبة من الحق المذكور أن يرد إلى أصحابه، ولو بطرق غير مباشرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي، وقوله: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح، أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه، فحمل عليه. أخرجه البخاري.
فإن فعلا ذلك مع الندم على ما كان منهما، والاستغفار منه، والعزيمة ألا يعودا إليه، فتوبتها صحيحة مقبولة بإذن الله، ولا يلزم إقامة الحد عليهما، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تَعَالَى عَنْهَا، فَمَنْ ألَمَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلْيَسْتَتِرْ بِسَتْرِ الله، ولْيَتُبْ إِلَى الله، فإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لنا صَفْحَتَهُ، نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ الله. رواه البيهقي، وصححه الألباني.
قال ابن عبد البر في الاستذكار: فيه (حب الستر على نفسه، والفزع إلى الله عز وجل في التوبة).
والله أعلم.