الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المذكور يلحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى، فترك الاقتداء به هو الواجب؛ إذ لا يجوز الاقتداء بمن حاله كذلك. وأما إذا كان لا يلحن لحنا يغير المعنى، وإنما يخل بالتجويد المستحب، فلأخيك أن يصلي خلفه ولا حرج.
يقول ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ وقد سئل: عن الصلاة خلف إمام كثير اللحن، ولا يتقن التجويد:
نعم، تجوز الصلاة خلفه، وإن كان ما أتقن التجويد، أو يقرأ بلحن غير مخل بالمعنى، فصلاة هذا جائزة. أما إذا كان لحنه يخل بالمعنى، يقرأ قراءة فيها خلل بالمعنى، فلا ينبغي، وأيضا فلا داعي أن يجعل إماما، بل يستبدل ولا يصلى خلفه. والله أعلم. اهـ.
وقد سبق ذكر كلام الفقهاء حول اللحن في الفاتحة وأحواله، وتأثيره على الصلاة في الفتوى: 160619. فراجعيها للأهمية.
وأما بخصوص صلاة الجماعة: فنوصيك بأن تناصحي أخاك بأن يحرص على أداء الصلاة في المسجد، إذا كان الإمام المذكور لا يلحن في الفاتحة كما سبق بيانه، أو أن يصلي في مسجد آخر خلف إمام يتقن القراءة، فإن شهود صلاة الجماعة في المساجد له من الفضل العظيم والأجر الجسيم ما لا يخفى، ويكفي دخوله في عموم عمار المساجد الذين قال الله تعالى فيهم: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ {التوبة:18}،
علما بأن العلماء -رحمهم الله- قد اختلفوا في حكم صلاة الجماعة، والراجح أنها واجبة وهو مذهب الحنابلة، ولا يتعين لها المسجد إلا عند طائفة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وهي رواية عن الإمام أحمد، فلو صلوا جماعة خارج المسجد فقد أتوا بالواجب، والأفضل أن يصلوها في المسجد، فلا يحرم نفسه من شهود الصلوات في المسجد.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 69854، 105126، 299584.
والله أعلم.