الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم أن يحذر كل الحذر أن يكون سببا في أذِيَّة أحد من المسلمين في نفسه أو في أهله أو في ماله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه مالك في الموطأ.
وحتى مع عدم قصد الضرر، لأن العين يحصل ضررها من الصديق ومن العدو.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ...الْعَيْن تَكُون مَعَ الْإِعْجَاب وَلَوْ بِغَيْرِ حَسَد, وَلَوْ مِنْ الرَّجُل الْمُحِبّ, وَمِنْ الرَّجُل الصَّالِح, وَ..الَّذِي يُعْجِبهُ الشَّيْء يَنْبَغِي أَنْ يُبَادِر إِلَى الدُّعَاء لِلَّذِي يُعْجِبهُ بِالْبَرَكَةِ, وَيَكُون ذَلِكَ رُقْيَة مِنْهُ. اهـ.
ومما يدفع المسلم به الضرر الذي قد يلحق الناس من حسده أنه كلما رأى شيئا يعجبه دعا لصاحبه بالبركة، وقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين، فليدفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: "ألا بركت عليه" أي: قلت: اللهم بارك عليه. وروى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئاً يعجبه، أو دخل حائطاً من حيطانه قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. انتهى.
وراجع الفتوى: 24373. ولا يلزمك ضمان لما تظن أنه تلف بسبب حسدك وإصابتك له بالعين، وراجع في ذلك الفتوى: 48731.
ولا يلزم أن يكون السبب هو العين فقط، بل ربما وجد أكثر من سبب، هذا مع يترتب على إخبارك لها من نفارها منك إن كنت ترغب في الزواج منها.
وهنا ننبهك إلى الحذر كل الحذر من الخلوة بها ومخاطبتها بلا حاجة قبل أن تعقد عليها القران، فقد حذر الشرع من ذلك لما قد ينجر عنه من مفاسد عظيمة، وراجع الفتوى: 57291.
ثم اعلم أن انتباه الإنسان لما قد يحصل منه، أمر حسن ما لم يبلغ حد الوسوسة، فليعرض عن ذلك حتى لا ينجر به إلى مزالق لا تحمد عاقبتها.
والله أعلم.