الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الصيغة المذكورة للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ترد في الشرع، ولكنها جائزة؛ إذ لا يشترط في الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- صيغة معينة، وإن كان التقيد بالوارد أفضل.
وليس في الصيغة المذكورة شركٌ بالله تعالى، بل هو دعاء لله تعالى، وتوسل إليه بعمل صالحٍ. وقد دل الشرع على أن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- سبب لكفاية الهم ومغفرة الذنوب، ففي سنن الترمذي عن الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ، قَامَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ. قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ: مَا شِئْتَ. قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا. قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ. وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وفي بعض النسخ: حسن صحيح.
ورواه الطبراني في المعجم الكبير بسنده إلى حبان بن منقذ, أن رجلا قال: يا رسول الله، أجعل ثلث صلاتي عليك؟ قال: "نعم إن شئت"، قال: الثلثين؟ قال: "نعم"، قال: فصلاتي كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذن يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك.
ورواه الحاكم في المستدرك بسنده، وفيه: فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْهَا؟ قَالَ: مَا شِئْتَ، قَالَ: الرُّبُعُ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قَالَ: النِّصْفُ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قَالَ: الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجْعَلُهَا كُلَّهَا لَكَ؟ قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ. اهــ.
قال ابن القيم وهو يعدد فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ... أَنَّهَا سَبَب لكفاية الله العَبْد مَا أهمه ... أَنَّهَا سَبَب لقَضَاء الْحَوَائِج ... أَنَّهَا سَبَب للنجاة من أهوال يَوْم الْقِيَامَ ... اهــ.
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-: من أعظم الأسباب التي يزيل الله بها الهموم والغموم، الإكثار من ذكر الله سبحانه، والصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام، والإكثار من قراءة القرآن، فإن ذلك من أسباب انشراح الصدر وزوال الهم والغم. اهــ.
والله أعلم.