الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأحوط هو رد تلك النقود بقيمتها إذا ضعفت قوتها الشرائية. والمسألة محل إشكال، وفيها خلاف طويل بين العلماء السالفين والمعاصرين، فانظر طرفًا من ذلك في الفتاوى: 371239، 66686، 348040.
وأما الجمعية الخيرية: فما دامت الجمعية قد أغلقت، فإنه يحسن به أن يصرف تلك الأموال في الغرض الذي تصدق من أجله المتصدقون، فإن الأصل أن مراعاة مقصود المتصدقين واجبة شرعًا، كما سبق بيانه في الفتويين: 129509، 72627.
فإن كانت التبرعات تجمع للفقراء والمساكين، فيصرفها عليهم، وإن كانت لصيانة المساجد مثلًا، صرفها فيه، وهكذا.
وإن كانت الجمعية الجديدة تقوم بنفس عمل الجمعية الأولى، فلا مانع من دفع تلك الأموال إليها، وتبرأ ذمته بذلك.
وأما الميت: فإنه يدفع حقه إلى ورثته، ولا يلزمه أن يخبرهم بما فعل، بل المهم هو إيصال الحق إليهم بأي طريقة، قال ابن عثيمين: إذا أخذ من أخيه شيئًا، ثم منّ الله عليه فتاب، فإن الواجب عليه أن يرده إليه بأي وسيلة، وليسلك الوسيلة التي ليس فيها ضرر.
مثال ذلك: لو سرق منه مائة درهم مثلًا، ثم تاب وأراد أن يردها إليه. من المعلوم أنه لو قال: إني سرقت منك هذه الدراهم، وإني تبت إلى الله، وأردها عليك، أنه ربما يحصل في هذا شر؛ فحينئذ يمكن أن يجعلها في ظرف، ويرسلها مع صديق مأمون، ويقول لهذا الصديق: أعطها فلان، وقل له: إن هذه من شخص كان أخذها منك سابقًا، ومنّ الله عليه فتاب، وهذه هي. اهـ. من فتاوى نور على الدرب.
والله أعلم.