الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتركك الصلاة إذا نزلت بك مصيبة، أو ألمّ بك ما يضايقك، منكر عظيم، وذنب جسيم؛ فإن ترك الصلاة الواحدة المكتوبة عمدًا حتى يخرج وقتها، أعظم إثمًا من الزنى، والسرقة، وشرب الخمر، بل هو كفر -والعياذ بالله- عند بعض العلماء، وانظر الفتوى: 130853.
ثم إن الأليق بك إذا نزل بك ما يضايقك أو يحزنك، أن تستكثر من الطاعة، وتقبل على العبادة، وخاصة الصلاة؛ فإن الله تعالى قد أمر بالاستعانة على نوائب الدهر وملماته بالصلاة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ {البقرة:153}.
قال الحافظ ابن كثير: وأما قوله: وَالصَّلَاةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى الثَّبَاتِ فِي الْأَمْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [الْعَنْكَبُوتِ:45]. وروى الإمام أحمد، وأبو داود، وغيرهما عن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. وعن علي -رضي الله عنه- أنه قال: لَقَدْ رَأَيْتَنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِمٌ، غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُنْبَطِحٌ عَلَى بطنه، فقال له: «أشكم درد» ومعناه: أيوجعك بطنك؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «قُمْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ شفاء». وروى ابن جرير بسنده عن ابن عباس نعي إليه أخوه قثم، وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنِ الطَّرِيقِ فَأَنَاخَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، أَطَالَ فِيهِمَا الْجُلُوسَ، ثُمَّ قَامَ يَمْشِي إِلَى رَاحِلَتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ. وَقَالَ سُنَيْدٌ: عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ، قَالَ: إِنَّهُمَا مَعُونَتَانِ عَلَى رحمة الله. انتهى بتصرف.
فعليك أن تتقي الله تعالى، وتحافظ على صلاتك في السراء والضراء، ولا تفرّط فيها بحال؛ فإنها أعظم العون على نكبات الحياة، ومصائب الدنيا.
والله أعلم.