الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم نجد هذه القصة مسندة إلا في كتاب: (تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين) لأبي الليث السمرقندي الحنفي، المتوفي سنة 373هـ، فقال: حدثنا أبي -رحمه الله تعالى-، حدثنا محمد بن موسى بن رجاء، رفعه إلى أحنف بن قيس, قال: قدمت المدينة وأنا أريد عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فإذا أنا بحلقة عظيمة، فإذا بكعب الأحبار يحدث الناس، ويقول: لما حضر آدم ... فذكرها بطولها.
وهذا إسناد تالف لا يعتمد عليه؛ فبين محمد بن موسى بن رجاء، وبين الأحنف بن قيس، مفاوز شاسعة! لا تقل عن قرنين من الزمان، ومحمد هذا لم نجد له ترجمة إلا في كتب المشتبه، والمؤتلف والمختلف، فذكره ابن ماكولا في (الإكمال) في (كارزن) فقال: الكارْزَني: نسبة إلى كارزن من قرى سمرقند، هو أبو جعفر محمد بن موسى بن رجاء بن حنش الكارزني. اهـ.
وقال ابن ناصر الدين الدمشقي في توضيح المشتبه: هي قرية من قرى أربنجن من أعمال سمرقند. وحافد أبي جعفر المذكور محمد بن أحمد بن محمد بن موسى بن رجاء الكارزني أحد دهاقين كارزن ورؤسائها، روى عن أبيه، عن جده، وعنه أبو سعد الإدريسي، مات قبل السبعين وثلاث مائة. اهـ.
والقصة ذكرها بغير إسناد: أبو السعود في إرشاد العقل السليم، والخلوتي في روح البيان، والألوسي في روح المعاني، وكلهم كأبي الليث من الحنفية، فكأنهم أخذوها من كتابه.
والله أعلم.