الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصيتنا لك في البدء أن تجتهدي في أن تهوني الأمر على نفسك، فإنها لا تستحق أن تصلي بها إلى هذا الحد من القلق والتوتر، فيكفي أن تكوني قد تبت إلى الله -عز وجل- التوبة النصوح المستوفية للشروط، والتي قد سبق بيانها في الفتوى: 5450.
فأبشري بعدها، وأحسني الظن بربك، فمهما عظم الذنب، فإن مغفرة الله أعظم، فهو القائل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال أيضا: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}، وفي الحديث الذي رواه الترمذي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قال الله: يا ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة.
ولا نظن أنك تخفى عليك قصة الرجل الذي قتل تسعا وتسعين نفسا، ورجع إلى ربه صادقا في توبته فقبله، والقصة ثابتة في صحيح مسلم. قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.
والحال التي أنت عليها قد تكون نوعا من كيد الشيطان؛ ليوقعك فيما قد يكون أعظم من الذنب الذي ارتكبته، وهو القنوط من رحمة الله، واليأس من روحه، والله سبحانه يقول: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}، ويقول أيضا: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}.
وعليك بالدعاء، فالله سبحانه هو من يكشف عن خلقه البلاء، قال عز وجل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.
فبهذه الأدوية الإيمانية مع ما أعطاك الطبيب من الأدوية الطبيعية تشفين بإذن الله تعالى. ولمزيد من التوجيهات راجعي هذه الاستشارة، وهي في قسم الاستشارات بموقعنا على هذا الرابط:
https://www.islamweb.net/ar/consult/55056
والله أعلم.