الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فممن ذكر هذه القصة الماوردي في أدب الدنيا والدين: (الباب الأول فضل العقل وذم الهوى)
.... وأحسن من هذا الذكاء والفطنة ما حكى ابن قتيبة أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مر بصبيان يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير فهربوا منه إلا عبد الله. فقال له عمر -رضي الله عنه-: ما لك؟ لم لا تهرب مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين؛ لم أكن على ريبة فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقا فأوسع لك. فانظر ما تضمنه هذا الجواب من الفطنة وقوة المنة وحسن البديهة. كيف نفى عنه اللوم، وأثبت له الحجة فليس للذكاء غاية، ولا لجودة القريحة نهاية. اهـ.
وجاء في عيون الأخبار (2/ 215) لابن قتيبة: مرّ عمر بن الخطّاب بالصبيان وفيهم عبد الله بن الزبير، ففرّوا ووقف؛ فقال له عمر: ما لك لم تفرّ مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لم أجرم فأخافك، ولم يكن بالطريق ضيق فأوسع لك. اهـ.
والله أعلم بصحتها، لكن ما ذكره السائل لا يستلزم ضعفها. فابن الزبير في خلافة عمر -رضي الله عنهما- كان لا يزال غلاما؛ لأن الغلام يطلق على الولد من ولادته إلى أن يشب.
جاء في معجم متن اللغة (موسوعة لغوية حديثة): الغلام: الطار الشارب، أو من حين أن يولد إلى أن يشب. انتهى.
والصبي أيضا يفسره بعض كتب اللغة بالغلام، والحديث يدل على تسمية الطفل صبيا حتى يحتلم.
والخلاصة أن القصة مذكورة في بعض الكتب دون بيان لصحتها من عدمه، ولكن لا يؤخذ من فارق الزمن بين ولادة ابن الزبير وخلافة عمر -رضي الله عنهما- ضعفها.
والله أعلم.