الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فالمريض الذي تجوز له الاستنابة في الحج والعمرة، هو المريض الميؤوس من شفائه، والذي لا يمكنه الحجّ ولا الاعتمار بنفسه، قال البهوتي في شرح الإقناع: فَإِنْ (عَجَزَ عَنْ السَّعْيِ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (لِكِبَرٍ، أَوْ زَمَانَةٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ) كَالسُّلِّ (أَوْ ثِقَلٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ يَرْكَبُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، أَوْ كَانَ نِضْوَ الْخِلْقَةِ، وَهُوَ الْمَهْزُولُ، لَا يَقْدِرُ عَلَى الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ غَيْرِ مُحْتَمَلَةٍ، وَيُسَمَّى) الْعَاجِزُ عَنْ السَّعْيِ لِزَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ (الْمَعْضُوبَ) مِنْ الْعَضْبِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ: الْقَطْعُ، كَأَنَّهُ قُطِعَ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ وَالتَّصَرُّفِ، وَيُقَالُ: بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، كَأَنَّهُ ضُرِبَ عَلَى عَصَبِهِ، فَانْقَطَعَتْ أَعْضَاؤُهُ، قَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَنَاسِكِهِ (أَوْ أَيِسَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَحْرَمٍ، لَزِمَهُ) أَيْ: مَنْ ذُكِرَ (إنْ وَجَدَ نَائِبًا حُرًّا أَنْ يُقِيمَ مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَيْسَرَ مِنْهُ)، إنْ كَانَ غَيْرَ بَلَدِهِ (مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرُ) عَلَى الْفَوْرِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: حُجِّي عَنْهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. انتهى.
وعليه؛ فإن مرضك هذا ليس ميؤوسًا من شفائه، فننصحك بالتداوي، ومحاولة التخلص من هذا الرهاب، حتى يمنّ الله عليك بالعافية، ثم تحجّ وتعتمر -بإذن الله-.
وليس لك أن تستنيب من يحجّ أو يعتمر عنك؛ لأن مرضك ليس في معنى الأعذار المذكورة المبيحة للاستنابة.
والله أعلم.