الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في فتاوى سابقة أنه لا يصح الاقتداء بالإمام عن طريق جهاز التلفاز، كما في الفتاوى: 134491، 40897، 56349.
ولا فرق في عدم الصحة بين حال السعة، وبين حال الضرورة؛ كوقت انتشار الوباء، وخوف الناس من الإصابة به، إن هم ذهبوا إلى المساجد.
والرغبة في تحصيل الأجر، ليست مسوغًا لصحة الصلاة.
ومن كان حريصًا على أداء الصلاة في المسجد، فإنه ينال أجر الجماعة والجمعة، وإن صلى في بيته منفردًا، ما دام معذورًا في تخلفه عن المسجد، فقد دلّ الشرع على أن المسلم الحريص على الطاعة إذا حيل بينه وبينها، فإن الله تعالى يكتب له أجرها، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيّن ذلك، فمن همّ بحسنة، فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة ... متفق عليه. وفي صحيح البخاري من حديث أَبي بُرْدَةَ قال: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى مِرَارًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قوله: إذا مرض العبد، أو سافر. في رواية هشيم: إذا كان العبد يعمل عملًا صالحًا، فشغله عن ذلك مرض. قوله: كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا. هو من اللف والنشر المقلوب، فالإقامة في مقابل السفر، والصحة في مقابل المرض. وهو في حق من كان يعمل طاعة، فمُنع منها، وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها. اهــ.
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: من نوى الخير، وعمل منه مقدوره، وعجز عن إكماله، كان له أجر عامل، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن بالمدينة لرجالًا، ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا، إلا كانوا معكم. قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة، حبسهم العذر». اهـ. وانظر الفتوى: 239134.
والله أعلم.