الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن توبة المرتد تكون بإسلامه، فإذا نطق بالشهادتين فقد دخل في الإسلام، إلا أن تكون ردته بسبب جحد فرض ونحوه، فإن توبته حينئذ تكون بالنطق بالشهادتين مع إقراره بالمجحود به.
قال في زاد المستقنع: وتوبة المرتد وكل كافر إسلامه، بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ومن كفر بجحد فرض ونحوه فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحود به، أو قول: أنا بريء من كل دين يخالف دين الإسلام. انتهى.
ويكتفى منه في قبول التوبة ظاهرًا النطق بالشهادتين؛ قال في المبدع: (وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ) وَكُلِّ كَافِرٍ (إِسْلَامُهُ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا يَثْبُتُ بِهِ إِسْلَامُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، فَكَذَا الْمُرْتَدُّ، وَلَا يُحْتَاجُ مَعَ ثُبُوتِ إِسْلَامِهِ إِلَى الْكَشْفِ عَنْ صِحَّةِ رِدَّتِهِ. انتهى. وانظري الفتويين: 257530، 298288.
فبمجرد نطق الكافر، أو المرتد الشهادتين نحكم برجوعه لدينه، وكونه لم يندم على ردته، أو نطق بها على سبيل الاعتياد، لا نفتش عنه، بل نجري الأحكام على الظاهر فقط. والله هو المسؤول عن السرائر. وانظري الفتوى: 324142.
ثم إن الكافر الأصلي، وكذلك المرتد، يحكم بإسلامه ظاهرا أيضا إن صلى، وراجعي في ذلك الفتويين: 98126، 188919.
وأما أن كون تلك الصلاة تشفع له عند الله؛ فذلك مما يتعلق بالغيب من علم الله تعالى، لأنه هو الذي يقبل التوبة عن عباده، ويقبل الأعمال الصالحة.
والله أعلم.