الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أولًا لك الشفاء العاجل، وأن يجعل ما أصابك كفارة، ورفعة في الدرجات.
ولا شك أن الحالة التي ذكرتها تندرج تحت باب السلس.
وإذا أصابك ذلك، وأن خارج البيت، وحان وقت الصلاة، وخفت خروج الوقت، وتعذر التخلص من الحفاظة، أو شقّ عليك مشقة غير محتملة، فإن كانت الصلاة مما يجمع مع ما بعدها؛ كالظهر، أو المغرب؛ فلك أن تنوي الجمع، وتصليها إذا رجعت إلى البيت بعد أن تتطهر من النجاسة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِمَنْ لَهُ عُذْرٌ -كَالْمَطَرِ، وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ الْبَارِدَةِ؛ وَلِمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، وَالْمُسْتَحَاضَةِ-، فَصَلَاتُهُمْ بِطِهَارَةِ كَامِلَةٍ جَمْعًا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِطَهَارَةِ نَاقِصَةٍ مُفَرِّقًا بَيْنَهُمَا. اهـ
وإن كانت الصلاة لا تجمع مع ما بعدها، كالعصر، وعلمت أنك لا ترجع إلى البيت إلا بعد خروج وقتها، فصلِّ على حالك؛ لقول الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286}، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الفقهية الكبرى: فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا لِجَنَابَةٍ، وَلَا حَدَثٍ، وَلَا نَجَاسَةٍ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ بِحَسَبِ حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا، وَقَدْ عَدِمَ الْمَاءَ، أَوْ خَافَ الضَّرَرَ بِاسْتِعْمَالِهِ؛ تَيَمَّمَ وَصَلَّى، وَكَذَلِكَ الْجُنُبُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي إذَا عَدِمَ الْمَاءَ، أَوْ خَافَ الضَّرَرَ بِاسْتِعْمَالِهِ لِمَرَضٍ، أَوْ لِبَرْدٍ. وَكَذَلِكَ الْعُرْيَانُ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ عُرْيَانًا، وَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَ بَعْدَ الْوَقْتِ فِي ثِيَابِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُزِيلَهَا، فَيُصَلِّي فِي الْوَقْتِ بِحَسَبِ حَالِهِ، وَهَكَذَا الْمَرِيضُ يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ فِي الْوَقْتِ. اهــ.
والله أعلم.