الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي منَّ عليك بالتوبة، واعلم أن في قضاء الصلاة المتروكة عمدا خلافا بيناه في الفتوى: 128781. والأحوط بلا شك قضاؤها، وحيث أردت القضاء، فإن كيفيته مبينة في الفتوى: 70806.
وقد نص الفقهاء على أنه إذا كثرت الفوائت لم يشرع قضاء سننها. قال البهوتي في شرح الإقناع: (وَإِنْ كَثُرَتْ) الْفَوَائِتُ (فَالْأَوْلَى تَرْكُهَا) أَيْ: السُّنَنِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَضَى الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى بَيْنَهَا سُنَّةً، وَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَهَمُّ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (إلَّا سُنَّةَ فَجْرٍ) فَيَقْضِيهَا وَلَوْ كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ، لِتَأَكُّدِهَا وَحَثِّ الشَّارِعِ عَلَيْهَا. (وَيُخَيَّرُ فِي الْوِتْرِ) إذَا فَاتَ مَعَ الْفَرْضِ وَكَثُرَ، وَإِلَّا قَضَاهُ اسْتِحْبَابًا. انتهى
وإذا علمت هذا، فيستحب لك أن تقضي سنة الفجر معها بخلاف بقية السنن، فلا يستحب قضاؤها، ولو تركت سنة الفجر أيضا، فلا إثم عليك.
ويجوز لك الاقتصار في صلاتك المقضية على ما تصح به الصلاة من الأركان والواجبات فحسب، لأن سنن الصلاة لا تبطل الصلاة بتركها، فيجوز لك الاقتصار على قراءة الفاتحة، وأن تسبح تسبيحة واحدة في الركوع والسجود. وأما قول رب اغفر لي بين السجدتين، فهو واجب عند الحنابلة، فتبطل الصلاة بتعمد تركه عندهم. ومن ثم فننصحك أن تأتي به خروجا من الخلاف. وأما ما مضى من صلواتك التي تركت فيها هذا الذكر، فصحيح -إن شاء الله- حتى عند الحنابلة؛ لأن الواجبات تسقط عندهم بالجهل.
نسأل الله أن يوفقك ويعينك.
والله أعلم.