جفاء الأب وقسوته لا تسقط حقه في البِرّ

11-5-2020 | إسلام ويب

السؤال:
أمّي مطلقة منذ كنت صغيرة، ولم يسأل أبي عني إلا مرة، حتى أني عندما كبرت لا أعرفه، ولا أعرف أهل أبي، وعندما كنت في مرحلة الثانوية صرف عليَّ أبي إلى أن تزوجت، في حدود الدراسة، وساعد في الزواج، ولم أكلفه، أو أثقل عليه، وأنا لم أكن أعيش معه، ولكن معاملته قبل زواجي أصبحت سيئة، وافتعل مشاكل مع أهل أمّي؛ رغم أنهم من ربّوني، وعندما تزوجت انزعج؛ لأني لم أتصل به في أول أسبوع من الزواج، وعندما اتصلت به لأقول له: إني سأزوره؛ شتمني، وأهانني، ولم أحتمل ذلك، وخفت أن يسبب لي مشاكل مع زوجي، فلم أتواصل معه، فما حكم الدِّين في ذلك؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان الحال كما ذكرت من جفاء أبيك معك، وإساءته إليك؛ فهو آثم؛ لكنّ ذلك لا يبيح لك هجره، أو الإساءة إليه؛ فحقّ الوالد على ولده عظيم.

ومهما أساء إلى الولد، فلا يسقط حقّه في البر، والمصاحبة بالمعروف؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.

فعليك بر أبيك، والإحسان إليه بالاتصال، والزيارة، وغير ذلك مما تقدرين عليه، من غير ضرر يلحقك.

وإذا فعلت ذلك ابتغاء مرضاة الله؛ فأبشري ببركة هذا البرّ، فإنّه من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد. وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت، فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.

قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ: خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.

والله أعلم.

www.islamweb.net