الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم صلاة العيد؛ فمنهم من قال بوجوبها، ومنهم من قال بسنيتها، ومنهم من قال إنها فرض كفاية، وقد رجحنا في فتوى لنا سابقة برقم: 29328. أنها سنة مؤكدة، وهو مذهب المالكية والشافعية. وأما مذهب الحنابلة فهو أنها فرض كفاية، وليس بعيدا لكونها من شعار الإسلام في ذلك اليوم.
والذي نراه هو أنه إذا أمكن أن تقام صلاة العيد في مصلى واحد من مصليات المدينة مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية، فهذا هو الأولى بلا شك، لتحصيل إقامة هذه الشعيرة، سواء قلنا: إنها سنة مؤكدة. أو قلنا: إنها فرض كفاية.
وفي هذه الحالة لا إشكال في حكمها بالنسبة لمن لم يتمكن من الحضور لأي سبب كان، لأن حكمَه هو حكمُ من فاتته صلاة العيد مع الإمام، فيقضيها بعد انتهاء صلاة الإمام، فإن شاء صلاها على صفتها من التكبيرات الزوائد، وإن شاء ترك هذه التكبيرات، فالأمر واسع، ولكن فعل التكبيرات الزوائد أولى؛ إذ الأصلُ أن القضاء يحكي الأداء، ويمكن أن يصليها أهل البيت جماعة بدون خطبة اكتفاءً بخطبة الإمام.
قال الإمام البخاري في صحيحه: إذا فاته العيد يصلي ركعتين، وكذلك النساء، ومن كان في البيوت والقرى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا عيدنا أهل الإسلام». وأمر أنس بن مالك مولاهم ابن أبي عتبة بالزاوية فجمع أهله وبنيه، وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم. وقال عكرمة: «أهل السواد يجتمعون في العيد، يصلون ركعتين كما يصنع الإمام» وقال عطاء: «إذا فاته العيد صلى ركعتين» . اهـ.
وفي المسألة أقوال أخرى وتفاصيل، بسطناها في الفتوى: 306172 .
وإذا لم يمكن ذلك، ولم تقم صلاة العيد مطلقا، فالذي نراه أنه يشرع أن تصلى فرادى، أو يصليها أهل كل بيت جماعة، فإن صلاتها في هذه النازلة في البيوت، أولى بالمشروعية من قضائها ممن فاتته في الأوقات المعتادة التي تقام فيها. وبهذا أفتى جماعة من أهل العلم في هذه النازلة، وصدرت قرارات من جهات علمية مختلفة.
والله أعلم.