الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدلالة لفظ (الإنسان) لا تقتصر على بني آدم فحسب، بل تتناول أيضا الجن، إما حقيقة وإما مجازا.
ولذلك فسر البقاعي في تفسيره (نظم الدرر) {الإنسان} بالناس والجن، ثم قال: فإن الإنسان: الإنس، والإنس والأناس: الناس، وقد تقدم في {ولا تبخسوا الناس أشياءهم} في الأعراف، أن الناس يكون من الإنس ومن الجن. اهـ.
وقال ابن عادل في (اللباب في علوم الكتاب): «الناس» اسم جمع لا واحد له من لفظه، ويرادفه «أناسي» جمع إنسان أو إنسي، وهو حقيقة في الآدميين، ويطلق على الجن مجازا. اهـ.
وقال تقي الدين السبكي في (الدلالة على عموم الرسالة): تحرير العبارة أن يقال: "اسم الناس وإن كان موضوعا للجن مع كونه موضوعا للإنس، لزم الاشتراك. وإن كان موضوعا للإنس فقط، وأطلق على الجن؛ لزم المجاز".
وإذا حرر العبارة هكذا، يرد عليه أنه إن كان مقصوده إنكار استعمال هذا الاسم في الجن بالأصالة، لم يُسْمَعْ منه؛ لنقل أهل اللغة ذلك ...
وإن كان مقصود السائل أنه يستعمل في الجن ولكن لا حقيقة ولا مجازا، فهو ظاهر الفساد؛ لأن كل لفظ مستعمل لا يخلو عن الحقيقة والمجاز. والظاهر أن مراد السائل إنكار استعمال لفظ الناس في الجن، وهو مردود بقول أهل اللغة، لكنه قليل. اهـ.
وعلى ذلك؛ فليس في الآية دلالة على اختصاص بني آدم بالتكليف.
ولذلك قال ابن عجيبة في تفسير الآية: وأما حملها على التكاليف فلا يختص بالآدمي؛ لأن الجن أيضا مكلف. اهـ.
ولذلك مخارج أخرى، راجعها في الفتوى: 3621. وراجع في معنى الآية وبيان الأمانة، الفتوى: 200521.
والله أعلم.