الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر على ما قرأت من أن أكثر أهل العلم على القول بأن اختلاف البلدين بين الزوجتين لا يسقط حق إحداهما في المبيت، بل يجب على الزوج أن يعدل بينهما بما يتيسر، ويمكن الاطلاع على الفتوى: 105104.
وإذا كان زوجك وعدك بأن لا يغيب عنك -يعني أن لا يعدل بينك وبين زوجته الأخرى في المبيت- فليس له ذلك؛ فالعدل بين الزوجتين، أو الزوجات واجب، كما قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}.
وكونه وعدك بأن يجعل لك يوما وللأخرى يوما، لا يعني أن لا يقضي لزوجته الأخرى تلك الأيام التي يجب عليه أن يقضيها لها، ولا يكون هذا القضاء بحيث يغيب عنك مدة تتضررين فيها، بل ذكر أهل العلم أن أقصى ما يمكثه عندها ثلاث ليال، ويكون الليلة الرابعة عندك.
قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (وَلَا يُوَالِيهِ) أَيْ الْقَضَاءُ فَلَا يَبِيتُ عِنْدَ كُلٍّ مِن الْأُخْرَيَات تِلْكَ اللَّيَالِيَ وَلَاءً (بَلْ يُفَرِّقُهُ فَيَجْعَلُ النُّوَبَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) فَأَقَلَّ حَتَّى يُتِمُّ الْقَضَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مِقْدَارِ النُّوَبِ فِي الْقَسْمِ ثَلَاثُ لَيَالٍ اهـ.
وعماد القسم هو الليل، ويدخل النهار تبعًا له؛ كما ذكر العلماء، وقد بينا ذلك في الفتوى: 261541.
وكون نوبته مع إحدى زوجتيه يصادف أن يكون فيها عاطلا عن العمل، فهذا مما لا حرج عليه فيه، ثم إن وجود الزوج في البيت مع المرأة النهار كله قد لا يكون مرغوبا للمرأة دائما.
وإذا لم تمتنع المرأة من السفر لزوجها لتقيم معه حيث يقيم، فلا تعتبر ناشزا، فلا يسقط حقها في القسم؛ سواء بقيت في بلدها لمصلحتها، أو مصلحة زوجها، أو مصلحة ولدها.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 93860.
والله أعلم.