الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعني أنك استعملت القرعة لتعيين خير الأمرين، فإن هذا الاستعمال للقرعة أشبهُ ما يكون بالاستسقام بالأزلام، الذي كان يفعله أهل الجاهلية. فقد كانوا في الاختيار والمفاضلة في أمورهم يستعملون ثلاثة قداح، قد كتب على أحدها: "افعل" وعلى الآخر: "لا تفعل" والثالث ليس عليه شيء. فإذا أداروها عملوا بمقتضى ما هو مكتوب على القدح الذي خرج لهم، وإن طلع الفارغ أعادوا الاستقسام، ومثله تعيين خير الأمرين بالقرعة. والقرعة تباح في مثل تمييز الحقوق، لا في اختيار الخير الذي لا يعلمه العبد.
جاء في الموسوعة الفقهية: الْقُرْعَة تَمْيِيزُ نَصِيبٍ مَوْجُودٍ، فَهِيَ أَمَارَةٌ عَلَى إثْبَاتِ حُكْمٍ قَطْعًا لِلْخُصُومَةِ، أَوْ لإِزَالَةِ الإْبْهَامِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَالْقُرْعَةُ الَّتِي تَكُونُ لِتَمْيِيزِ الْحُقُوقِ، مَشْرُوعَةٌ. أَمَّا الْقُرْعَةُ الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا الْفَأْل، أَوِ الَّتِي يُطْلَبُ بِهَا مَعْرِفَةُ الْغَيْبِ وَالْمُسْتَقْبَل، فَهِيَ فِي مَعْنَى الاِسْتِقْسَامِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. اهــ.
والمشروع لك هو أن تختار أحد الأمرين فيما تظن أنه أنفع لك، ثم إذا هممت به وقبل أن تفعله، تستخير الله تعالى فيه. فإن كان خيرا أمضاه الله لك، وإن كان شرا صرفه الله عنك، وهذا هو الذي جاء به الشرع، ففي الحديث: إِذَا هَمَّ بِالأَمْرِ؛ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، ...إلخ الدعاء المعروف.
وانظر الفتوى: 417709 عما يفعل المستخير بعد الاستخارة؟
والله أعلم.