الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حد المضمضة في الوضوء والغسل عند الحنابلة الموجبين له فيهما هو: إدارة الماء في الفم أدنى إدارة، فلا يجزئ مجرد مسح الأسنان واللثة بالفم، كما يفهم من سؤالك.
وحد الاستنشاق عندهم هو: جذب الماء بالنفس إلى داخل الأنف، فلا يجزئ مجرد مسح الأنف.
فإن كان هذا الشخص يفعل ما ذكر من إدخال الماء إلى فمه، وإدارته أدنى إدارة، ومن جذب الماء إلى أنفه، فغسله صحيح. وإلا فليس صحيحا على القول بوجوب المضمضة والاستنشاق.
قال البهوتي في شرح الإقناع: (وَالْوَاجِبُ) فِي الْمَضْمَضَةِ (أَدْنَى إدَارَة) لِلْمَاءِ فِي فَمِهِ. (وَ) الْوَاجِبُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ (جَذْبُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْأَنْفِ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَقْصَاهُ (فَلَا يَكْفِي) فِي الْمَضْمَضَةِ (وَضْعُ الْمَاءِ فِي فِيهِ بِدُونِ إدَارَةٍ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَضْمَضَةً، وَكَذَا لَا يَكْفِي فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَضْعُهُ فِي أَنْفِهِ بِدُونِ جَذْبٍ إلَى بَاطِنِ الْأَنْفِ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى اسْتِنْشَاقًا. انتهى.
وأما المسح: فمن أوجب استيعاب الرأس بالمسح لم يجزئ عنده مجرد وضع اليد، بل لا بد من إمرارها على جميع الرأس.
وأما من اكتفى بمسح بعض الرأس كالشافعية؛ فعندهم وجهان في الاقتصار على وضع اليد على الرأس، والأصح منهما الإجزاء.
قال الخطيب الشربيني في شرح المنهاج: (وَالْأَصَحُّ) وَفِي الرَّوْضَةِ الصَّحِيحُ (جَوَازُ غَسْلِهِ) أَيْ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ فَأَجْزَأَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَالرَّأْسُ مُذَكَّرٌ (وَ) جَوَازُ (وَضْعِ الْيَدِ) عَلَيْهِ (بِلَا مَدٍّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ، وَأَشَارَ بِالْجَوَازِ إلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ وَإِلَى عَدَمِ كَرَاهَتِهِ، وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْحًا. انتهى.
والله أعلم.