الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الطفل غير المميز لا يكتب له، ولا عليه، ولا صلاة له إذا صلى؛ لأنه لا تعقل منه النية.
ومن ثَمَّ؛ فلا يشرع لك إمامته في الصلاة.
فإذا بلغ الصبي حد التمييز، وهو سبع سنين، صحّت صلاته، وانعقدت به الجماعة.
ومن العلماء من لم يحد للتمييز حَدًّا، وإنما ذهب إلى أن ذلك يختلف باختلاف الصبيان، قال النووي في شرح المهذب: وقول المصنف: إذا بلغ حدًّا يعقل، أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا، صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ، وَالتَّمْيِيزُ يَخْتَلِفُ وَقْتُهُ بِاخْتِلَافِ الصِّبْيَانِ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ سَبْعِ سِنِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ قَبْلَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُمَيِّزُ، وَإِنْ بَلَغَ سَبْعًا وَعَشْرًا وأكثر. انتهى.
والحاصل؛ أن هذا الطفل الواقف بجانبك -إن كان غير مميِّز-، فلا يشرع لك أن تكون إمامًا له؛ لأن الجماعة لا تنعقد به.
وأما إن كان مميِّزا، ففي انعقاد الجماعة به أقوال، أرجحها أنها تنعقد به فرضًا ونفلًا، قال البهوتي في الروض: وتنعقد، أي: الجماعة، باثنين، ولو بأنثى وعبد، في غير جمعة وعيد، لا بصبي في فرض. قال ابن قاسم في الحاشية: وعنه: يصح في الفرض -كالنفل-؛ للأخبار. انتهى.
والصحة هو قول الشافعية، ورجّحه العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-.
وإذا علمت هذا؛ فإذا وقف بجانبك صبي مميِّز، جاز لك أن تقلب نيتك من الانفراد إلى الإمامة، وتصح لك وله صلاة الجماعة.
هذا، ونذكرك بضرورة الصلاة في جماعة، وألا تصلي منفردًا مع إمكان الجماعة؛ فإن أصح الأقوال وجوب الجماعة على الرجال البالغين لغير عذر.
والله أعلم.