الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فمن لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه في بلاد الكفر أو كان يخشى على نفسه الفتنة، فإنه لا يجوز له البقاء في تلك الديار، ويجب عليه أن يهاجر عنها إذا استطاع ذلك، ومن كان يستطيع أن يقيم شعائر دينه ويأمن على نفسه، فإنه يستحب له أن يهاجر عن دارهم.
وأما عن التعامل مع غير المسلمين في دار الكفر، فلا بد من أن يتضح عند كل مسلم أن الولاء والبراء -أي الحب في الله والبغض في الله- هو أوثق مراتب الإيمان، فلا بد من بغض من أبغضهم الله.
قال الله سبحانه: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة: 22]، ولا يلزم من هذا إساءة الخلق معهم، بل ينبغي أن يتعامل معهم بالحسنى ويدعو إلى الإسلام بالرفق واللين، ولا تجوز مخالطتهم حال معصيتهم إلا لأجل دعوتهم ونهيهم عن المنكر، وبهذا يكون قد جمع المسلم بين إعطاء صورة جيدة عن الإسلام لدى الكفار وبين المحافظة على الهوية والذات، وأما عن الأولاد، فإن الأمر أشد خطورة، ولذا، فلا بد من الحرص عليه وتنشئتهم التنشئة الإسلامية وإدخالهم المدارس الإسلامية، وتهيئة البيئة الصالحة والأصدقاء الصالحين لهم، فإذا لم يمكن ذلك ورأى المرء أن أولاده قد انحرفوا وانصهروا في المجتمع الكافر، فإن الهجرة حينئذ لازمة ولا محالة "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وراجعي لمزيد فائدة الفتاوى التالية: 2007، 30837، 10875.
والله أعلم.